Friday 14 October 2016

دهاليز مطبخ امهاتنا

المرة دي المقال انتاج مشترك بيني وبين صديقتي المقربة "مامة ايدا (فريدة)" وكنا بنرغي واحنا عاملين دماغ شاي وبقسماط والفكرة الالماظ دي ظهرت لنا من افق المج والسمسم بيعوم فوق وش الشاي :))) فقلت ضروري انقل لكم افكارنا اللى كتبناها في ورقة لحسن فكرة منهم تطير ولا حاجة :)
مطبخ امهاتنا....عرايس الستينات والسبعينات....ايام الحوض الصيني والبوتجاز اتنين شعلة ونص (عين صغيرة)...وارضيات قنالتكس...والتلاجات لما كان اسمها "فريجيدير". 
ادخلي مطبخ مامتك ودوري فيه شوية...في اعماقه...هاتلاقي العجب...هاوفر لك رحلة في مطبخهم ولو لقيتي حاجة شبهها في مطبخ الوالدة...اعرفي ان بيتكم شاف خير كتير اوي.
امهاتنا كانوا بيعملوا اعياد ميلادنا في البيت...بمعنى ان كل الاكل بيتي حتى التورتة...والفن والشطارة في تزويق التورتة واختراع شكل جديد مبهر ويعجب الطفل....حاليا عيالنا عايزين تورتة على شكل اي شخصية كارتون او اضعف الايمان عليها صورة الشخصية المفضلة...مكنش عندنا احنا بقى الكلام ده...هيا تورتة شيكولاته او كريمة....النص ونص ده تروح تاكله في الجنة مفيش عندنا الكلام ده!! التورتة تكون شيكولاته او "بيضا" على حسب ذوق صاحب الحفل...مامتى كانت متخصصة التورتة البرنيطة (اه والله برنيطة) وكنا مبهورين بيها جدا فعلا...هي عبارة عن اتنين كيك مدور...واحدة كبيرة وواحدة صغيرة وفوق بعض بيكون شكلهم برنيطة...وتزوقهم واحدة كريمة ليا وواحدة شيكولاته لاختى وبانصاف كاملة من الخوخ (كمبوت) وشريطة وشيكولاته فرماسيل وكان في حاجة زي الخرز لونه فضي ودهبي بس بيتاكل عادي! وكل واحدة تنفخ شمع التورتة بتاعتها (بما اننا كنا بنعمل عيد ميلاد مشترك احيانا). البيتزا بيتي...الساندوتشات بيتي...ولازم يكون في جلاش بالمكسرات...هوا كده! انا فاكرة كويس مراحل صنع التورتة...الكريم شانتي كان بيتضرب بمضرب يدوي...اختراع كده "بمنافيلة" يدوي....ولما ماما تخلص تسيب لنا شوية في المضرب نلحسهم!! ولما طلع المضرب الكهربا كانت تفكهم وكل واحدة فينا انا واختى تاخد فردة. ولما ماما تكون مش شايفانا ندب صوابعنا في الكريم شانتي...طبعا بتعرف وينتهى الامر بتهديدنا انها مش هتعمل حاجة! 
وفي حلة راس العجل!! دي حلة كبيرة جدا ممكن تبلع عيل يتراوح عمره من سنة لخمس سنين....هيا ماما مسمياها كده...معرفش ليه! عامة الحلة دي مدفونة في البلكونة لاستخدامات نادرة (مش فاكرة منهم حاجة) بس حالتها جديدة لانج من قلة الاستخدام..بس وجودها في بيت عرايس السبعينات مهم واساسي.
وكتير منهم عندهم طاسة الخضة.....طاسة تحمير البطاطس....وغالبا اصلا كانت صينية للفرن وانصلح حالها وبقت طاسة تحمير..وتمتاز بالوانها المتباينة...بيضا من جوا....وسودا فحم من بره...واحيانا بيتكون عليها شعب مرجانيه بدرجات الاسود...ما تفهمش ليه الكلاكيع دي مش بتطلع...بس الست اصلا مش بتحاول تطلعها...الكلاكيع دي شافت حفلات كتير على البوتجاز...عشرة عمر يعنى!!
وتلاقي عندهم اطقم حلل بحالة ممتازة..ابدا....هيا الحلة المعووجة ام ايد مكسورة اللى بتظبط الاكل...هيا بتحب الحلة يا جماعة...الورق العنب مش بيتظبط غير فيها..جن الحلة هو اللى بيسوى الورق عنب على مزاجها...جن الحلل الجديدة غبي مش بيفهم وبيحرق الاكل!
والست الوالدة مش ممكن تتكيف بنفجان القهوة غير من الكنكة ام ايد سايحة!! لازم وهي بتحضر كنكة القهوة تحضر جنبها حتة قماش او فوطة مطبخ علشان تشيلها قبل ما تفور...رغم ان في جيش كنك احجام وانواع مختلفة وكله سليم..لاااااا...الكنكة "بتاعتي"!! وطبعا مش محتاجة اقول انها لازم تشرب في كوباية مخصوص.
وتلاقي عندهم اللبانة (اللى بيتغلي فيها لبن)...رغم ان ممكن يتغلي في حلة...بس لاااازم اللبانة ولازم القرص الزجاجي اللى بيترمي جوا اللبن ده...حتى لو بطلت تشتري لبن سايب...ماينفعش مطبخ من غير لبَانة!
زمان كانت ستات العمارة الواحدة...يتشاركوا ادوات المطبخ الغالية سوا...كانت صداقتهم تتعدى حدود المطبخ وكانوا بيستلفوا من بعض هدوم...بس ده مش موضوعنا. في العمارة كفاية جداااا يكون في ماكينة بيتي فور او بسكوت واحدة بس...ويتشاركوا في استخدامها بيت بيت...الست اللى تمتلك ماكينة البسكوت هي ست ذات سلطة...ليها وضعها الاجتماعي...وغالبا بتصاحب الست صاحبة ماكينة البتيفور وبيبدلوا مع بعض قبل ما يسلفوهم لاي حد تانى. ده قانون غير مكتوب! وبيجي بعديهم في المرتبة صاحبة مكبس الكريم شانتى ابو اشكال.
واحنا صغيرين اتربينا على الطقم العسلي (قطع وطقعت سيرته) اطباق كبيرة وصغيرة واطباق شوربة وفناجين شاي وقهوة...وطواجن وسرفيسات...ناقص يعملوا منه مروحة سقف!!!! هوا والطقم الصيني ابو وردة حمرا/بينك وطرف دهبي!!!!  وفي بيوت كان فيها الطقم الميلامين اللبنى او البيج! وكان في طقم المعالق ابو سنبلة !! (ذكريات بائسة)
وامهاتنا كانوا بيفضلوا الشقى والتعب عن الراحة (متفهموش ليه!!)...يعنى مثلا تلاقيها ماشية بالمقشة...ما المكنسة سهلة شغليها اسهل واسرع وبتنجز..."المقشة بتسعفنى"....وكذلك المبشرة...تلاقي بصلة كبيرة وهيا هاتتعمى خلاص من كتر الدموع...وتبشرها على المبشرة...يا حبيبتي ما الكبة موجودة..."لا بتسعفنى!" كلهم بيحبوا المبشرة الحزينة اللى اتجوزت بيها (رغم ان ممكن يكون عندها جديد).
وتبع برضه منهج "اليدوى" ده عصارة البرتقال...لو هاتعصر برتقالة او اتنين بس بتعصرها على العصارة اليدوى! لسه هاتغسل العصارة الكهربا علشان "برتقالتين"؟...وكذلك لو عايزة تعمل بسرعة كوباية واحدة بس عصير ليمون...تقلب سكر في مياة وتعصر ليمونه بايدها!! طعمه مرض...ما تضربيه في الخلاط!! "لسه هاغسل الشفشق؟!"
من حفريات المطبخ برضه ماكينة يدوى كده معرفش اسمها ايه...هي نادرة الوجود بس لقيتها عند امى....ماكينة فرم الجبنة الرومي(!!) هيا شكلها زي المساكة بس بايد طويلة وعلى طرفها ماكينة صغيرة ودراع يلف كده....اللى عنده زيها يقولي علشان ماحسش بالغربة ارجوكم! 
وكذلك المصفاة ام رجلين...براد الشاي...اطقم التوابل ولازم يكون مكتوب عليها محتوى البرطمان ايه (ال يعنى مش عارفة) وحتى لو غيرت محتوى البرطمان متفهموش ليه بتسيب الاسم القديم "حطي كمون من البرطمان اللى مكتوب عليه قرنفل"!
الام لما تعمل كوباية شاي بيكون لها نظام تمشي عليه...سيستم....مش كوباية شاي عشوائية كده وخلاص!! على حسب الست...تحط الشاي الاول ولا السكر الاول....في ستات شاطرة اوي لدرجة انها بتعمل شاي على مياة بيضا في البيت (وغالبا اصحابي مش هايفهموا ايه المصطلح ده...وعندهم حق لانه مصطلح خاص بالقهاوى)..الشاي ده هو طبقة الشاي...طبقة كثيفة من السكر....والمياة بتتحط باسلوب معين ماهر بحيث لا يختلط مع الشاي خالص..تفضل الكوباية مياة صافية...حرفنة واحتراف!  وفي جيل السبعينات اللى ملتزم بالشاي الكشري...واللى ساب نفسه للتمدن بقى يشرب (استغفر الله العظيم) شاي فتلة!! بس عامة لازم نسمع نغمة انتهاء صنع المشروب...تريك تريك تريك...ثلاث خبطات من المعلقة على طرف الكوباية!
واخر حاجة فكراها...وهي موجودة في بيوت ستات كتير من عائلتى وعائلة جوزى...عربية الشاي!! العربية دي دليل الشياكة والالاجة والرفاهية والرقي!! العربية دي تطلع للعزيز الغالي...الست تمشي تتمخطر بيها من المطبخ للصالون مع اوركيسترا الكوبايات والاطباق اللى بتشخلل وتخبط في بعضها من مطبات السكة...واحتمال تلاقي رجل منهم معلقة ومش بتتحرك فالست ترفع الركن الساكن ده وتمشي على التلاته التانيين بأداء عالى. وغالبات دلوقتي في كل البيوت هي ترابيزة في الصالون (شوفوا بيوتكم هاتلاقوها بجد)
 انا مش بتريق على امهاتنا...ده مجرد حصر للمطبخ اللى اتربينا وكبرنا من اكله وتذوقنا منه احلى اكلات...البيت اللى شفنا فيه العز والراحة والدلع كله...الام اللى بنصحى نلاقيها محضرة لكل واحد فينا الشاي او النسكافيه اللى بيحبه والفطار اللى بيعجبنا والطبيعي بيكون مختلف عن بعضه...ونرجع من المدرسة نلاقيها محضرة الغدا متكامل العناصر وسخن ومستنية نتغدى سوا...السفرة اللى شافت كل حفلات اعياد ميلادنا والعزومات والمجهود المضنى اللى امهاتنا عملوه علشان بس ننبسط ونفرح...باقل الامكانيات...باختراعات مضحكة...بساعات عمل طويلة اوي....بتعب كتير جدا...شكرا يا ماما...وشكرا لكل عرائس السبعينات....انتوا الجيل الذهبي ربنا ما يحرمنا منكم ابدا ولا من الخير اللى في بيوتكم.

ريم اسامة