بابا سافر سنة بره مصر...سنة واحدة...سابنا كام شهر كده على ما رحنا له. في الكام شهر اللى سابنا في مصر (ماما وانا واختى) تزامن معهم رمضان والعيد الصغير وعيد الام والترم الدراسي التانى. في الفترة دي بابا كان بيبعت لنا جوابات كل اسبوع. مكنش في بقى ايميل وموبايل وواتساب والحركات دي...هوا جواب كل اسبوع واتصال كل مناسبة.
واحتفظت بالجوابات دي...ولقيتها في صندوق قديم عندي (كتبت عنه في مقال سابق وكان بعنوان "صندوق في قاع دولابي"). في الفترة دي كان عندي عشر سنين. وقرأت الجوابات كلها طبعا...وحبيت اكتب عنهم لثراءهم ولانهم بمثابة علامات ودلائل على اسلوب عائلتي في التربية وتشكيل شخصيتنا. مكنش في مواقع التربية الحديثة او انتشار التوعية عن التربية النفسية السليمة للاطفال والحاجات الموضة دي. كان في الصح والغلط والحرام والحلال والفطرة.
اولا في كل الجوابات بابا كان بيكتب اسمي كتير (ريم)...يعنى مثلا ازيك يا ريم اخبارك ايه...مش ازيك وخلاص. وكان استخدام الاسم فيه كتير اوي من الخصوصية والاهتمام (قاعدة عامة لو عايز حد يحس انك بتهتم بيه في الكلام قول اسمه كذا مرة وانت بتكلمه) وكان بيسئلني عن المذاكرة والصلاة وخلافه بس مش بأسلوب (بتذاكري كويس ولا لأ)...كان في كل جواباته كاتب "انا عارف انك بتذاكري ومقدرة المسئولية لوحدك"...كان عندي عشر سنين!! عشرة بس..كان مفهمنا معنى المسئولية وبيتعامل معنا على الاساس ده. وفي جواب منهم فهمت انى كنت كاتبة له انى متضايقة انى خدت درس رياضيات (بابا ظابط مهندس وكان بيذاكر لنا الرياضة والعلوم) وكاتب لي انه مش متضايق طبعا وانه "فرحان" انى عرفت اقرر انى محتاجة درس. بجد الجملة دي وقفت عندها كتير. وافتكرت مواقف كتير جداااااااااااااا في حياتي كان دايما يقولي نفس الكلام تقريبا...ان اهم حاجة في حياة الانسان انه يصبح قادر على اتخاذ القرار وتحمل عواقبه وتبعاته. وفي كل واحد منهم كان بيكتب الورقة وش وضهر...كلها...بيحكي لي عن البلد اللى هوا فيها...او يفكرني بحاجة كنا بنعملها مع بعض او جملة كنا بنقولها دايما في مناسبة معينة...وكان بيقولي في النص حاجات تضحك برضه....كأننا قاعدين مع بعض! الجوابات كلها تنبض بحب الاب لبنته...من غير ما يقول ولا مرة انى وحشته او انه بيحبني...مكنتش محتاجة خالص الكلام ده...متعودتش انه يقولي "انا بحبك اوي" بس على يقين كامل اننا اهم حاجة في حياته....من واحنا اطفال انا عارفة انه بيحبنا اوي اوي...ومفتكرش ولا مرة انه قالنا لفظا انه بيحبنا...وحاليا لما بقى عندي اطفال شايفة انها معادلة صعبة....ازاي اقنعهم بحبي من غير حتى ما اشير لحبي ليهم لفظا؟!
طول عمري خطي في العربي وحش اوي...وكان بيذكر دايما "خطك وحش لسه" بطريقة مضحكة...وانه المرة اللى جاية عايز يشوف خط احلى وقالي على ملاحظات في كتابتي لبعض الحروف...وكان في جواب تاني كتب لي فيه "لاحظت ان خطك احسن كتير...برافو عليكي"....انا متاكده انه لا اتحسن ولا حاجة بس بيشجعنى انى فعلا بجد احاول احسنه (للاسف لحد دلوقتي برضه بشع لا يمكن قراءته مهما حاولت او كتبت ببطيء)
لما قربنا على عيد الام كتب لي "جبتي هدية ايه لماما"...مسئلنيش جبتي ولا لأ....لانه شيئ طبيعي انى لازم هاجيب طبعا. سألني بس جبت ايه كنوع من المشاركة.ولما قرب العيد الصغير...قالي "طبعا هاتروحي الصلاة مع عمو نبيل (زوج عمتي) وبناته واختك" ...وقالي مفيش مذاكرة في العيد، العيد للانبساط وبس...مفيش اسئله...كلها ثوابت...هاروح الصلاة...هاجيب هدية...هاذاكر ايام الاسبوع...مش هاتعب امى....مش هاسيب الواجب...مش هاذاكر في العيد....مفيش اختيار في الاساسيات دي. وكلها من غير ما يأمرني. كان بيحسسني انى مسئولة عن افعالي ويبث فيا ثقة رهيبة انى اقدر اعمل كل ده ولازم اعمله.
وفي اخر كل جواب كان بيوصيني بحد....بماما...باختي...ببنات عمتي (كانوا ساكنين في الشقة اللى قدامنا)...ويقولي قربنا نروح له ويوصف لي اوضتي والبيت. وكان بيسألنا عايزين هدية ايه لنجاحنا....وكتب ان اختى طلبت كاميرا وساعتها وعدها بيها لو طلعت من الاوائل (وفعلا طلعت الاولى وكانت في سنة تالتة ابتدائي) وانا مش فاكرة طلبت ايه بس هيا اكيد جت لي.
الجوابات حاليا بالنسبة لي مهمة اوي...نور على طريق تربيتي لاولادي...عمري ما اوعد بحاجة واخلف....ازرع فيهم ثقة كبيرة بنفسهم....احسسهم انهم على قدر كبير من الالتزام (حتى لو مكانوش اوي كده)...ازرع فيهم شعور انى يثق فيهم وفي اختياراتهم....لازم اعودهم على اتخاذ القرار وتحمل عواقبه...المجاملات الاجتماعية....الالتزام الديني والفروض...اقنعهم انهم مهمين بالنسبة لي ورأيهم له نفس الاهمية كرأيي بالظبط...وقت الراحة مهم زي وقت المذاكرة. واهم من كل ده ان في علاقة خاصة بكل واحد فيهم...كان ممكن يكتب لي سطرين في جوابه لماما...او يقولها اي حاجة تقولها لي...بس هو اهتم بينا اوي وكان بيكتب لكل واحدة فينا جواب كبير خاص بيها.
عشت احلى طفولة...يا ريت اولادي لما يكبروا يفتكروا طفولتهم ويدعوا لي...زي ما بدعي لبابا وماما على احلى فترة في حياتي.
ربنا يخليكم لنا ويبارك لنا في عمركم:)
ريم اسامة
جروب المدونة على الفيسبوك: https://www.facebook.com/groups/329904227056535/
طول عمري خطي في العربي وحش اوي...وكان بيذكر دايما "خطك وحش لسه" بطريقة مضحكة...وانه المرة اللى جاية عايز يشوف خط احلى وقالي على ملاحظات في كتابتي لبعض الحروف...وكان في جواب تاني كتب لي فيه "لاحظت ان خطك احسن كتير...برافو عليكي"....انا متاكده انه لا اتحسن ولا حاجة بس بيشجعنى انى فعلا بجد احاول احسنه (للاسف لحد دلوقتي برضه بشع لا يمكن قراءته مهما حاولت او كتبت ببطيء)
لما قربنا على عيد الام كتب لي "جبتي هدية ايه لماما"...مسئلنيش جبتي ولا لأ....لانه شيئ طبيعي انى لازم هاجيب طبعا. سألني بس جبت ايه كنوع من المشاركة.ولما قرب العيد الصغير...قالي "طبعا هاتروحي الصلاة مع عمو نبيل (زوج عمتي) وبناته واختك" ...وقالي مفيش مذاكرة في العيد، العيد للانبساط وبس...مفيش اسئله...كلها ثوابت...هاروح الصلاة...هاجيب هدية...هاذاكر ايام الاسبوع...مش هاتعب امى....مش هاسيب الواجب...مش هاذاكر في العيد....مفيش اختيار في الاساسيات دي. وكلها من غير ما يأمرني. كان بيحسسني انى مسئولة عن افعالي ويبث فيا ثقة رهيبة انى اقدر اعمل كل ده ولازم اعمله.
وفي اخر كل جواب كان بيوصيني بحد....بماما...باختي...ببنات عمتي (كانوا ساكنين في الشقة اللى قدامنا)...ويقولي قربنا نروح له ويوصف لي اوضتي والبيت. وكان بيسألنا عايزين هدية ايه لنجاحنا....وكتب ان اختى طلبت كاميرا وساعتها وعدها بيها لو طلعت من الاوائل (وفعلا طلعت الاولى وكانت في سنة تالتة ابتدائي) وانا مش فاكرة طلبت ايه بس هيا اكيد جت لي.
الجوابات حاليا بالنسبة لي مهمة اوي...نور على طريق تربيتي لاولادي...عمري ما اوعد بحاجة واخلف....ازرع فيهم ثقة كبيرة بنفسهم....احسسهم انهم على قدر كبير من الالتزام (حتى لو مكانوش اوي كده)...ازرع فيهم شعور انى يثق فيهم وفي اختياراتهم....لازم اعودهم على اتخاذ القرار وتحمل عواقبه...المجاملات الاجتماعية....الالتزام الديني والفروض...اقنعهم انهم مهمين بالنسبة لي ورأيهم له نفس الاهمية كرأيي بالظبط...وقت الراحة مهم زي وقت المذاكرة. واهم من كل ده ان في علاقة خاصة بكل واحد فيهم...كان ممكن يكتب لي سطرين في جوابه لماما...او يقولها اي حاجة تقولها لي...بس هو اهتم بينا اوي وكان بيكتب لكل واحدة فينا جواب كبير خاص بيها.
عشت احلى طفولة...يا ريت اولادي لما يكبروا يفتكروا طفولتهم ويدعوا لي...زي ما بدعي لبابا وماما على احلى فترة في حياتي.
ربنا يخليكم لنا ويبارك لنا في عمركم:)
ريم اسامة
جروب المدونة على الفيسبوك: https://www.facebook.com/groups/329904227056535/
No comments:
Post a Comment