Wednesday 29 January 2014

واحد شاورمة ومكرونة فرن

معرض الكتاب! من اهم احداث السنة بالنسبة لي...يوازي اهمية المصيف وفرحته...اول يوم العيد...الفالانتاين ايام الخطوبة...بيجيلي ضربات قلب زيادة وانا داخلة من البوابة والشباب الصغير بيوزع اعلانات عن المكتبات المختلفة...بروح المعرض من حوالي 25سنة...ولا سنة فوَته الحمد لله...لما كنت طفلة كان بابا بيودينا نجيب مجلدات ميكي وكتب الوان وبوسترات...وتطور نوع الكتب والمجلات والاهتمامات والمكتبات بمرور السنوات...واصبحت اهتم اكتر بمكتبة الشروق ومدبولي ونهضة مصر وحبيب قلبي سور الازبكية...مش بضيع وقت بقى في باقي السرايات والمكتبات ولا بلتفت ل"قاموس ناطق لغتين" و"قصص الانبياء للاطفال" و"تبرع بالدم تحلو لك الحياة" و"عندنا كاميرا ديجيتال ولاب توب وليكي هدية قيمة"..."اي كتاب بجنيه" (والاخير ده في سور الازبكية) الى اخره من الاخوة البائعين والبائعات.
السنة دي كان مختلفة شوية عن السنين اللى فاتت...السنة دي الناس بتشتري كتب! بقالي كذا سنة ملاحظة ان الحركة الشرائية ضعيفة جدا بشكل مستفز...الناس بتروح علشان تاكل وتجيب لعيالها بوسترات تتعلق في اوضهم عن الوضوء والصلاة وصور سبونج بوب! 
بس مش هاننكر ان في شريحة من الناس بتروح بحكم العادة وانها تقعد في "الجونينة" - وفي اقوال اخرى اسمها الحديئة (الحديقة) - يتدفوا في الشمس والعيال تتفسح تلعب حواليهم...الناس دي بتروح معاهم ساندوتشات وترموس الشاي وكوبايات بلاستيك وملاية كاروهات وكورة! حاجة محبطة جدا ان يكون معرض القاهرة الدولي للكتاب (من اقدم واهم معارض الكتب في المنطقة كلها) والناس تروحه علشان تتشمس يطلعوا الرطوبة من جتتهم! هذه الشريحة من الزائرين لهم طابع خاص ويتعرفوا من وسط الف...تلاقي الناس دي لابسين هدوم "مرحرحة" لزوم الانجعاص على الحشيش! الراجل غالبا بيكون لابس بنطلون حجره عند الركب كده والست معاها شنطة الزاد والزوَاد ولابسة جلابية واسعة وطارحة ممكن تنفع حتة مطبخ او حتة لتلميع الشبابيك! حاجة طرية ومريحة بقى علشان ماتزهقش الست! ومفيش اي مانع اطلاقا ان الراجل يكون لابس شبشب جلد...عيب يروح بشبشب بلاستيك! الجلد برضه ليه قيمة!! تلاقي شباب هذه الشريحة بيستكبروا يشيلوا شنطة التموين وبيمشوا بعيد عن عائلاتهم ببضعه خطوات...خطوات تخلي الناس ماتربطهمش بالفضيحة دي وفي نفس الوقت مش بعيد اوي لدرجة تخلي الاهل يندهوا عليهم بصوت عالي! الشباب دول ممكن يلفوا على المكتبات الخارجية اللى على الطريق او اللى جنب الجنينة وغالبا بيستقر بهم الحال في ساحة الاكل! ياكلوا "بورجار (برجر سابقا) وبطاطس صوابع وماتنساش كاشَاب (كاتشاب سابقا) كتير" و "واحد شاورما ومكرونة فرن مع بيبسسسس(بيبسي سابقا)" والامهات يمشوا رجليهم شوية ويجيبوا للعيال علب بسكوت كورونا...والاب بقى عايز يبسط عياله فيجيب لهم غزل البنات واكياس كبيرة من منتجات الذرة المنفوشة (زي البوزو زمان ده) بلا اي مراعاة ان الحاجات دي منقوعة في الشمس او انها اصلا خطر جدا على صحتهم (بس بلاش ظلم...هما اصلا مايعرفوش انها خطر)...ولازم ولابد وحتما وضروري عيل يتوه! بجد لااازم!! ولازم برضه يتخانقوا مع بتوع الحاجات الساقعة جوا علشان "ليييييه ده ازازة البيبسسس الصاروخ بجنيه....بتبيع الكانز بخمسة جنيه!! لييييه! انتوا حرامية" - فعلا شئ يقشعر له الابدان قدام الاجانب! 
من الملاحظ برضه ان في شريحة اخرى مؤدبة ومهذبة وبيشتروا بلا فصال ولا حرف زيادة ولا حرف ناقص...هم الوافدين من جنوب شرق اسيا...فعلا عندهم انبهار بالكتب واعجاب شديد بالمكتبات وبيشتروا كتير (خصوصا المجموعات الكاملة من الكتب المجلدة والمراجع والموسوعات العلمية)...دايما ماشيين في مجموعة وكلهم شايلين مع بعض...يركبوا تاكسي مع بعض بكل احترام ويقسموا الاكياس على رجليهم كلهم من غير ما تلاقي حد فيهم مكشر من كتر تقل الاكياس ولا من كتر المشي! ارفع لهم القبعة حقيقي!
سور الازبكية بقى...حدث ولا حرج...كل الناس من كل الطبقات ومختلف الاعمار هناك...البائعين برضه مختلفين اوي عن بعض...في منهم الكسلان اللى بيرد بسرعة على كل سؤال (لا مش موجود - ممكن بكرة)...وفي المتحمس ولما يلاقي حد بيتفرج على نوع معين من الكتب يجيب له مجموعة مختلفة وشيقة من نفس النوع ده...ويعرض بضاعته بذكاء ومهارة وابتسامة ومن غير تلزيق ورخامة...وبيحط الحاجة ويقول كلمتين ويسيب الزبون يقرر لوحده من غير ما يلزق في قفاه! ولو الزبون مشي من غير ما يشتري مش بيكشر..بالعكس بيقوله "نورتنا" (محترمين فعلا). في نوع تانى وبيرد بسرعة وبلا اي اهتمام وغالبا مش بيبصوا على الزبون اصلا...بيتف الرد وخلاص "اه في - بخمسة جنيه"..."مش بنشتغل في الروايات الاجنبي"..."معييش فكة!".
في اطفال بتبيع مع اهاليهم والعيال دي بتكون ظريفة اوي...منتهى الحماس...منتهى السرعة...منتهى الزن على ابوه يجيب طلب الزبون اللى معاه بسررررعة حالا...الناس مش بتكسف الطفل وبيجيبوا انشالله حاجة صغيرة ولما هوا يصمم انهم يخدوا شنطة بياخدوا علشان مايكسفهوش. في نوع اخير بيغنوا..."تعالى بص باتنين ونص"..."تعالى يا بيه ده الكتاب بخمسة جنيه"..."تعالى يا شقيق ده الكتاب احلى رفيق"...وبيكونوا واخدين الامور ببساطة جدا...تشتري..تمشي...هوا بيغني ومبسوط بالهيصة!
الناس اللى بتشتري انواع برضه...في شباب اعدادي وثانوي ودول دايما متلطعين على مجلات العربيات والمجلات الاجنبي ولما تلاقي تلات او اربع رؤوس ملمومة مع بعض اعرف ان في صورة ابيحة في المجلة :))))....في الستات اللى كل سنة بيدوروا على البوردة وكتب الكروشية والتريكو والطبيخ وبيجيبوا ويخزنوها مع بتوع السنة اللى فاتت واللى قبلها....وكل الستات عايزين اعداد البوردة الجديدة باسعار المجلات القديمة ام جنيه ونص! وده مستحيل طبعا فتفاصل وتقوله "خلاص خليهالك"...وبتتغاظ جدا ان البياع بيخليهاله فعلا ومش بيقولها طيب تعالى نتفاهم! هيا بتتعامل مع الكتب والمجلات معاملة البتنجان الاسود العروس وحزمة الفجل باتنين جنيه مش بتلاته! ست ثابته على مبدئها!  وفي شباب الجامعات اللى بيدوروا على كتب الجامعة في سور الازبكية بسعر زهيد علشان مايتعبوش اهاليهم...وفي الستات اللى بتدور على كتب خارجية مش متشخبط فيها لعيالها بدل ما تكع دم قلبها! وبرضه في زباين الاجنبي...مجلات وروايات....ولو الزبونة دي مخلفة عيال صغيرين بتجيب لهم كتب اجنبي تشيلهالهم...وفي زبون المجلات القديمة ويا عيني دول بيتردموا تراب...تلاقيهم مقرفصين في الارض بيدوروا على اعداد معينة في اكواااام من المجلات المتهانة جامد! 
معرض الكتاب....سيظل من احب الاماكن والاحداث لقلبي....ريحة الكتب بتديني جرعة تفائل وفرحة لا تقارن باي حاجة تانية...لما ادور على كتاب معين والاقيه قلبي بينشرح....بجيب لاولادي حاجات كتير بالرغم من انهم مش فاهمين حاجة وبحاول افهم ابني "ده من المعرض!!" انا عارفة انه مش فاهم حاجة بس نفسي يتعلق بيه زيي...يمكن انا غلط بس انا شايفة انها حاجة مبهجة اوي اوي! منظر الناس شايلة شنط الكتب والشباب يتناقش في حلقات صغيرة على الارصفة عن كتب شافوها...مناقشة الزائرين عن اسعار الكتب والخصومات والبدائل بمكتبات مجاورة....الاطفال وهم شايلين اكياس خفيفة بها كتب صغيرة للتلوين مع علب الوان 6 اقلام! كل حاجة جميلة في نظري بالمعرض.....حتى اللى رايحين علشان ياكلوا ويشربوا شاي من الترموس...يمكن ييجي يوم وعيالهم يدخلوا يشتروا كتب بدل ما يشتروا مكرونة فرن! 

ريم اسامة



No comments:

Post a Comment