Sunday, 9 March 2014

حبيبي...طال الانتظار

اخذت رانيا القلم وبضعه اوراق...كتابة خطاب لزوجها ليس بسهولة وتلقائيه التحدث معه وجها لوجه. بعد عدة محاولات وتقطيع للورق والاعادة مرة اخرى...اخذت نفس عميق...اغمضت عينيها...تنفست ببطئ...امسكت القلم بثقة وبدأت الكتابة:
"حبيبي...ام زوجي العزيز؟ ام ابو عيالي؟ ام شريك العمر؟
لا اعلم بما ابدا وكيف اكتب ولا حتى سبب الكتابة ولكنى اريد ذلك بشدة! ..هل اكتب بالعامية ام بالفصحى؟ 
دعني اكتب بقلبي! 
وحشتني اوي...فعلا وحشتني...اول مرة اكتب لك جواب...كان دايما التليفون بيقرب البعيد...صوتك بيصبرني على فراق صورتك! صوت ضحكتك يصبرني عن رؤيتها. لم اكتب لك من قبل...ربما كتبت لك رسائل على البريد الالكتروني...ولكنى ابدا لم اكتب لك خطابا بالرغم من كثرة اسفارك وترحالك بعيد عن بيتنا. كنت دائما تشبه البيت بالمرسى...تذهب بمركبك لاطراف الدنيا وترجع للمرسى مرى اخرى لتستقر بيننا...لتدفئ قلبي وتنير حياتي...عندما انظر لحياتي ارى انها كانت فترات طويلة رتيبة وهي فترات الاتنظار...ثم فترة صغيرة منيرة وملونة وشديدة البهجة وهي فترة وجودك بيننا...كنت دائمة الاتنظار...وابدا لم اتبرم او اشكو لاحد. كان اشتياقي اليك اكبر من اي الم مررت به. تمنيت كثيرا ان تصطحبني معك ولكنى كنت بالنسبة لك "علامة الطريق" ولم تود تغيير مكانها..فالوطن والبيت لا يمكن فصلهمها...هكذا كنت تفكر!...تذهب يمينا ويسارا ثم تستقر بعتبة بيتي...وتدور حول العالم وتسافر برا وبحرا وجوا ثم تستقر بجانبي. كنت انا البيت...والبيت بالنسبة لك كان الحياة! 
لا انكر انك تألمت ايضا...الترحال...الغربة...الوحدة...افتقادك لاولادك...حزنك وحيدا لفراق ابيك وامك للدنيا وعدم تمكنك من الوداع الاخير...تفويت كل المناسبات الخاصة مثل اعياد ميلاد الاولاد...تخرجهم من المدرسة...حفلة تخرج كل منهم من الجامعة...تجنيد الولد...مشاركة البنت في الاعمال الخيرية وانعكاسه على شخصيتها...كل نكات التوأم الصغار...عندما ترجع من السفر اول شئ تفعله هو قياس طولهم على مسطرة الحائط...وتحسب كم من السنتيمترات فاتتك...كنت تبتسم ولكنى اعلم ان بقلبك شرخ ودموع...كنت تفاجأ بكل شئ...بتعلمهم اللغات الاجنبية...الاعمال اليدوية...القيادة...الغطس...اصدقائهم...كنت تتألم وكان مستواهم الاجتماعي والمادي الذي توفره لهم يصبرك على الفراق.
لقد راعيت الله وربيت اربع افراد نافعين في المجتمع...لم افشل في تربيتهم رغم قسوة الوضع...ام وحيدة تربي ثلاثة اولاد وبنت...كم كانت الصعوبات وكم كانت التحديات...كنت اب وام في نفس الوقت...احاسب واعاقب واكافئ...كنت اراقب وابلغك بما اكتشفته وكنت انت تهدئ من روعي وتخفف عني وطأ المسئولية...كنت بجانبي رغم الغربة الدائمة. احمد الله على وجودك بحياتي...ابدا لم اكن اتمكن من اتمام رسالتي لولاك...مهندس ومحاسبة وطيار وموظف بالخارجية...كلهم يتكلمون اللغات ويؤدون فروض دينهم...لم يخب املي ولم يخذلني الله.
حبيبي...مازالت صورتك كما هي في ذهني منذ اخر لقاء قبل سفرك الاخير...مازال صوتك بأّذني توعدني بالاستقرار بعد طول سنوات المعاناة....مازال بقلبي رجفة من خوف فراقك!
حبيبي...طال السفر....وطال الاتنظار...واختفت فترات البهجة...لقد تزوجوا جميعا...ورزقوا بالاطفال...وبقيت انا "علامة طريق" لا اكثر ولا اقل....لقد انتهى دوري...لقد انتهت الرحلة!
حبيبي....انى قادمة...لنكون معا....لا اصبر على البعاد...لم اعد اطيق الفراق...انا اعلم ان قد حان الميعاد.
حبيبي قل لي....هل للقبر وحشة؟ ام انه روضة من رياض الجنة؟
ليتك تزورني في احلامى لتطمئن قلبي كما عهدت منك...انار الله قبرك...وليهون الله علي الحساب.
امين!


ريم اسامة
https://www.facebook.com/groups/329904227056535/

No comments:

Post a Comment