Sunday, 8 December 2013

رواية النبضات الصامتة: الفصل الاول والثاني


الفصل الأول
وقفت فراشة صغيرة على حافة الشباك...ظلت بمكانها لحظات وطارت فى سماء باليرمو الإيطالية, وراقبتها مرام صامتة بنظرة جامدة. حاولت اللحاق بها بعينها ولكن الفراشة الرقيقة هربت. تمنت مرام أن تكون مكان تلك الفراشة الضعيفة...تمنت أن تكون حياتها فى زهو ألوان اجنحتها...فى رقة حركتها...فى عزوبة وقوعها على القلب. أدارت مرام الكرسى المتحرك إلى الشباك الأخر بالناحية الأخرى بحجرتها. طلت منه وكانت أشعة الشمس الحمراء تغطى سطح البحر المتوسط...كان البحر غارقاً فى أمواجه الأرجوانية. راقبت حركة الأمواج الأبدية بلا ملل...كانت تشعر أن عزائها الوحيد فى الحياه هو شباك حجرتها المطل على البحر. كانت الأشعة الحمراء منعكسة على وجهها النحيل وكانت الشمس تغرب فى عينها...شعرت أن حياتها تغرب كل يوم مع غروب الشمس...البحر لا يمل حركته و ملت هى عدم حركتها. راقبت قرص الشمس حتى ذاب فى الافق. تنهدت وأنكسرت نظرتها. ظلت بمكانها بلا حراك حتى شعرت بوجود شخص آخر بالحجرة. أدارت رأسها ورأت أمها تراقبها فى صمت.
-      "انت مبتزهقيش من المنظر ده؟" قالت أمها واقتربت منها وأطلت هى الأخرى على البحر.
-      "لا!!" اجابت مرام بهدوء.
-      "مش هاتخرجى معانا بكرة؟"
-      "لا!"
-      "ده هايكون يوم حلو اوى بجد...لازم تيجى"
-      "مش فاضية!"
-      "مش فاضية؟! وراكى ايه؟" سألت الام فى دهشة.
-      "عايزة اخلص الكتاب اللى معايا" قالت مرام.
لم يكن جديد على الأم أنزواء أبنتها وشعرت بالحزن لحالها ولكن لم يكن هناك الكثير لعمله, لم يكن بيدها أى شئ ممكن أن تفعله من أجلها. مرام ترفض الخروج من المنزل أو مقابلة أصدقائها بالخارج. شعورها بالنقص وعدم الثقة كان يقتلها. سمعت الأم صياح بالخارج... كان صوت نالا صديقة مرام المفضلة.
-   "أنت فين يا ميرو؟" قالت نالا صديقة مرام - المصرية الإيطالية- كانت الصديقة الأقرب لها. دخلت الحجرة بضجة كعادتها دائما, كانت الانسانة الوحيدة التى تشعر مرام انها طبيعية مثل أقرانها. "ازيك يا طنط؟"
-  "أهلا نالا! حاولى معاها علشان خروجة بكرة" قالت الأم وهى خارجة من الحجرة.
-   "عأملة ايه يا ميرو؟ فاتك حفلة يوم الجمعة, كانت جنان. الناس كلها سألت عليكي... كان لازم تحضرى" قالت نالا بأبتسامتها الواسعة وإشراقة وجهها الدائمة, كان تفائلها للحياة فائق الحدود...كانت تحب الحياة بكل ما فيها.
-   "إنبسطى؟" سألت مرام ولكنها لم تكن تسئل...كانت كلمة تعودت قولها حتى لا يشعر من حولها أنها تغبطهم. كانت تقولها لأنه يجب عليها قولها...وليس لأنها تريد أن تعرف ما دار.
-  "جدا! أنا ومارك رقصنا طول الليل, رقصت كتير خالص فى الحفلة. كنت لابسة فستان فظيع. حلو موت. أشتريت الفستان اللى قلت لك عليه قبل كده. فاكرة؟ لونه احمر, المرة الجاية هاجيبه معايا تشوفيه...وممكن كمان تستلفيه منى لو عايزة. وجبت كمان صندل دهبى...كعب عالى...بس تعبت اوى بعدها...بس مش مهم"
لم تكن مرام تستمع لها, فور سماعها موضوع شراء الفستان شعرت بإنقباض شديد بقلبها...شعرت بأنها لا تستطيع التنفس...وداهمتها صور من الماضى القريب نسبيا!
-------------
كان صباح يوم جمعة دافئ...كانت الشمس ساطعة والجو صافى تماماً...كانت أشعة الشمس لها رائحة مميزة فى الصباح...رائحة الصفاء...رائحة الدفئ...رائحة ورود وزهور...رائحة بدء الصيف. كانت مرام تستعد لحضور حفل كبير راقص...كانت تريد ان تبهر حبيبها. ظلت طوال الأسبوع السابق ليوم الحفل تبحث عن فستان, ارتادت محال عديدة طوال الاسبوع ولم يبق لديها اختيار غير الذهاب لمحل ملابس على طرف المدينة, كان محل غالٍ إلى حد ما ولكنها كانت متيقنة أنها ستحصل على ما تبحث عنه. كانت متبعة نظام غذائى حاد فى تلك الفترة لتتمكن من الظهور بشكل جديد تماماً فى الحفل وعندما ذهبت لقياس فستان عجبها جداً وسعدت كثيراً لأنها أستطاعت شراء فستان أصغر من مقاسها الطبيعى. كانت مستقلة سيارتها وكانت وحدها ولكنها لم تكن تشعر بأنها على ما يرام, تجاهلت هذا الشعور ولكن عندما أدارت سيارتها للعودة لمنزلها شعرت بدوار شديد. أوقفت سيارتها مرة أخرى عدة دقائق حتى شعرت بتحسن طفيف. لم يكن لديها الكثير من الوقت لانها كانت متفقة على موعد مع "الكوافير" ولم ترد أن تخلفه.  
         سارت بالسيارة ولكن ازداد الدوار...كانت رحلة طويلة فعلاً...تجاهلت هذا شعور وحاولت التركيز على الطريق والسيارات حولها. شعرت مرام بغثيان ولكن أصرت على تجاهله, فكرت أن تترك سيارتها فى اى مكان وتاخذ تاكسى لمنزلها ولكنها بعد قليل من التردد طردت هذه الفكرة أيضاً. بعد قليل شعرت بان مخها يرتطم بعظام رأسها وعينها تركز على أى شئ وكل شئ غير الطريق. فى تلك اللحظات تحول كل تركيزها على المحاولة فى السيطرة على الغثيان الذى أنتابها ومحاولة البقاء متيقظة. أرادت ان تقف بجانب الطريق ولكن الشارع كان مزدحم ومن شدة الدوار لم تتمكن من إدارة رأسها او تغيير إتجاه نظرها إلى الجهة الأخرى. وبعد ذلك لم تستطع رؤية السيارات بوضوح...أتسعت عينها حتى تتمكن من التركيز...كسرت العديد من الإشارات الحمراء بلا توقف وبلا تفكير, لقد أحتفظت بقدمها على "دواسة" البنزين بلا تفكير حتى تتمكن من الذهاب للبيت فى أسرع وقت ممكن.  فكرت بأن تقف بأى محل او "كافيه" لتشرب عصير أو تأكل أى شئ يساعدها على التخلص من ذاك الهبوط الحاد. شعرت مرام بمعدتها تطفو لأعلى وأنتابها شعور الغثيان أكثر حده وأصبح غير محتمل وخرج عن طور سيطرتها. كانت شبه ساندة رأسها على عجلة القيادة. كان مرتسم على وجهها تعبيرات غريبة وحادة.  كانت عينيها متسعة على اخرها ووجهها عامة يعكس عبوث وعناء ومرض, كانت قطرات العرق البارد متعلقة على حاجبيها ومتفرقة على جبهتها, كانت بالفعل تحارب شعور غامض بتقلص امعائها ومعدتها. وجهها كان شديد الشحوب. شعرت ان جسمها ساخن ولا تستطيع أحتمال سخونته ورأسها شديدة الدوار لا تستطيع التركيز. شعرت ان رأسها أصبح كالعجين. أخيراً قررت التوقف. كانت كلتا اليدين متشبثة بعجلة القيادة بشدة. كانت مرتمية على العجلة محاولة التركيز لتهزم  ذلك اللون الاسود الذى بدأ يتضح أمامها. بلا تفكير قطعت الطريق  بلا إشارة او إلقاء نظرة على المرايات الجانبية...من شدة الدوار لم تستطع تغيير إتجاه عينيها...كانت كمن التصقت عيناها بمحجرهما. وسط دوامة من إنطلاق الآت التنبية وصوت الفرأمل الفجائية...قطعت حارات الشارع وبعد ذلك رأت ألوان كثيرة متداخلة وأصوات أعنف من قبل. شعرت بأن الدنيا أصابها الجنون والسماء والأرض تم خلطهم ببعض. سمعت الكثير من الأصوات المتداخلة ولكن عقلها الشبة غائب لم يتعرف على أى منها ولكن بداخلها كانت تشعر بالرعب والخوف العميق. عقلها الباطن كان مذعوراً...أغمضت عينها بلا إرادة...أغمضتها بقوة واعتصرت عجلة القيادة بكل قوتها لتوقف السماء من الإرتطام بالأرض. كانت عضلات جسمها منقبضة كلها وكادت ان تعتصرها. بعد لحظات - مرت كسنوات فجاة شعرت مرام بان الحياة ماتت ولم تنبث باى صوت...جزء من اللحظة بعدها وجاء إلى سمعها صرخات عالية متواصلة. لم تعى ما يحدث حولها ولم تجرؤ على فتح عينها من شدة الخوف مما سترى. كانت أطرافها مثلجة وكان هناك شئ دافئ على وجهها ورأسها. أخيراً فتحت عينها ببطء وأول شئ رأته كانت كلتا يديها مثبتين على عجلة القيادة أمامها مباشرة وكانتا ملطخة بالدماء. كان يوجد رائحة دماء حولها. كانت رأسها ساخنة وقلبها يرتجف خوفاً وشعرت بمعدتها تصعد لحلقها. كان هناك صوت طنين متواصل فى عقلها...كان صوت الصمت القاتل...صوت الذهول...صوت المفاجاة...كان كصوت الصفارة الصامتة...تصم الاذن بلا صوت. ولكنها كانت فى قمة الدهشة والذهول. ظلت محدقة فى يديها, كانت مرام محتضنة عجلة القيادة. وفى النهاية أدركت انها قد تم اصتطامها بسيارة أخرى! شعرت بالم بالغ فى رقبتها ورأسها. ثوان قليلة أخرى بعض الأشخاص حاولوا اخراجها من السيارة...كانوا يصرخون شيئا متكررا...شيئا عن حريق او نار ووقود. لقد سمعت تلك الكلمات متكررة ولكن لم تفهم ما يشيرون اليه...كان عقلها شبه غائب ولكن باطنها كان متنبه ومذعور. كان الألم يعلن عن نفسه بقوة واصرار وحرص. بعض نسمات هواء باردة أرتطمت بوجهها برقة. كانت مازالت مرام تحدق بيديها الملطختين بدمائها بعينين نصف مفتوحة. شعرت بأيدىٍ عليها...شعرت بقوة خارجية تخرجها من مكانها...قوة شدتها وحملتها وجرت سريعا بعيدا. بعض من الأشخاص اخرجوها من السيارة المهشمة وجروا بعيدا. راقبت السماء الزرقاء الصافية كمن يشاهد فيلم, فشلت فى ان تستوعب الموقف كاملا فى حينها. لم تدرك انها بالفعل من كانت بالسيارة المهشمة. بعد ذلك شعرت برأسها برتطم بشئ صلب...لحظات أخرى وأدركت انه تم وضعها على الأرض. كان الذعر يسحج احشائها بقسوة. لقد صعقتها الحقيقة بعد استيعاب القليل منها, حاولت مرام حراك رأسها فى اى اتجاه لترى ما يدور حولها ولكن فور محاواتها التحرك أنطلق الم فظيع كطلقات الرصاص بداخلها, اصدرت صرخة صغيرة حادة من شدة الألم. كان الألم شديد لدرجة انه جعل اذنها تصفر بحدة. كان الخوف بداخلها ككرة من الدبابيس والمسامير تتخبط بجنون بداخلها وتجعلها تدمى فى جميع الاماكن وبدت ان تلك الكرة اخذت طريقها من حلقها. بعد عدة دقائق دوى صوت انفجار شديد, كان الجميع يجرون فى جميع الاتجاهات يصرخون...وفى تلك اللحظة فقدت مرام وعيها تماماً.
الفصل الثانى
         بعد بضعة أيام استردت مرام الوعى . فتحت عينها وشعرت انها محبوسة فى حلم شخص اخر. كان شعور غريب...طرفت عينها مرتين ونظرت بلا هدف من اتجاه لاخر محاولة ان تفهم اين تكون وما احضرها لذلك المكان. بعد قليل كل شئ اندفع لذاكرتها. تذكرت الفستان...الحفل...الشعور بالغثيان...حادث السيارة. حاولت مرام ان تتذكر أكثر من ذلك ولكن فشلت. كانت مستلقية على سرير مستشفى فى حجرة خاصة بمفردها. كانت رقبتها مدعمة برقبة طبية. كانت رأسها تؤلمها وكان جسدها مخدر الى حد ما. حاولت فاشلة ان تحرك رقبتها او رأسها...كانت الدعامات تمنعها من ذلك..ولكن كان الألم أيضاً يوقفها. حاولت أن تحرك اى من أطرافها ولكن كان لديها طاقة كافية فقط لتحريك عينها. حدقت طويلا بسقف الحجرة وتذكرت صوت الإنفجار. شعرت بالأسى يجرفها لأسفل لتسببها فى ذلك. كانت تحب سيارتها كثيراً...كانت من الأشخاص الذي لديهم شعور بالحب الكبير لممتلكاتهم. بعد قليل من الوقت أنفتح باب حجرتها.
         حاولت مرام التحقق ممن دخل حجرتها ولكنها لم تتمكن من الإلتفاف نحو الصوت الصادر. ولكنها أيقنت من ان الباب على يمين سريرها. جاء شخص بجانبها وطلّ عليها...كانت ممرضة. نظرت اليها الممرضة بكثير من العطف وأبتسمت لها إبتسامة دافئة حلوة أظهرت خطين بجانب كل عين وغمازة فى وجنتها اليسرى...تسللت الإبتسامة داخل مرام وأشعرتها بالطمأنينة.
-      "عأملة ايه دلوقتى؟" سألتها الممرضة الإيطالية.
-   -"معرفش!" قالت مرام بصوت خفيض وضعيف. "ايه اللى حصل؟" سألت مرام الممرضة بعد إستجداء الكلمات لتخرج مفهومة.
-   "حادث سيارة" قالت الممرضة بكل بساطة, وإن دل على شئ فهو يدل على أنها ترى مرضى أكثر من رؤيتها اصحاء.
-      "أيه اللى حصل لى؟" قالت مرام بعد أن جمعت كل طاقتها لتفوه الكلمات.
-   "بسيطة ماتخافيش" خرجت الممرضة بعد الإطمئنان على النبض والحرارة ولم ترى مرام بدّ لذلك لأنها ليست مريضة...إنها مصابة!
نامت مرام مرة أخرى وعندما أستيقظت وجدت نفسها غارقة فى الظلام. فى البداية حاولت إصطياد أى خيالات ضوء لتؤتنس بها فى الظلمة المؤلمة...بعد لحظات قليلة استطاعت تفقد أثر خطوط ضعيفة من الضوء وشبح أضواء خافتة ترقص على السقف. كانت الأضواء كأشباح ترقص بعنف فى حفل صامت! لم يكن لديها إختيار غير تتبعها طوال الليل.
شعرت مرام بتلك الخيالات الراقصة كأنها صور من حياتها...كأنها ومضات من طفولتها...من مراهقتها...من أصدقائها وبعض أفراد عائلتها. كانت بضع دقائق من مراقبة الأشباح الراقصة حتى إستطاعت ان ترى هذه الصور أكثر وضوحا وإشتعالاً. كانت هذه الصور تتحرك شئ بشئ حتى أصبحت فيلما متحركا أمام عينيها...بدأت الصور تتحرك ...ومن بالصور أيضاً يتحركون ليصبحوا حولها ومعها...لحظات أخرى وسمعت أصواتهم وشعرت بوجودهم فعليا معها...شعرت بأنفاسهم...بعطورهم...بحرارة أجسامهم...وطعم الهواء حولهم. كانت صور حيه من الماضى ولكن مشهد واحد كبر وأصبح أكثر حقيقة من أى من الاخرين...كان مشهد صوره واضحة تماماً بادق التفاصيل. كان المشهد الأكثر تأثيرا فى حياتها.
-----------------
كانت مرام مرتدية فستان أخضر مطرز, كانت فى حفل زفاف احد أصدقائها...كانت صديقة مشتركة لها ولفريدريك. مرام وفريدريك كانوا يتواعدون منذ عام تقريبا قبل هذا الحفل. كان أصدقائهم يشربون نخب العروسين عندما جائها فريدريك من خلفها وهمس فى أذنها:
-      "تعالى ورايا" قال بلجهة آمرة.
-      "دلوقتى؟! فين؟!" همست إليه فى تعجب.
-      "فى البلكون" لم ينتظر منها كلمة أخرى.
لم تحاول أن تناقشه...فربما أراد أن يخرج من الجو الخانق بداخل الفيلا المقام بها الحفل.
كانت البلكون فى دوامة من الضوء الفضى الناعم. قد أعطى القمر قبلة لليل والليل كان عاشقاً ساحراً...كانت النجوم كالأجراس تدق بلا صوت ابتهجاً وتضو بفرحة. وقف فريدريك ومرام قبالة بعض...أمسك يدها ونظر بعمق فى عينها وقال برقة:
-   "مرام! أنت أحلى شئ ربنا خلقه...أنت أكيد ربنا خلقك مع النجوم...مع القمر...مع البحر...مع السحاب...مع الموسيقى" كان صوته خفيضا...عذبا...رقيقا. أبتسمت مرام وبرقت عينها.
-      "فريدريك!" قالتها كأنها تتنفسه.
-      "مرام...حبى عندك قد أيه؟"
-      "عمرى ما حبيت حد أكتر" قالت بلا تفكير.
-   "انا عايز أهديلك عمرى اللى جاى كله...كل ساعة منه...كل دقيقة...كل ثانية...كل نفس...كل إلتفاتة"
-      "..." لم تعرف ماذا تقول...فقط تمنت أن يتوقف الزمن عند هذه اللحظة.
-      "تقبلى تتجوزينى؟" قال فريدريك بثقة ورقة.
توقفت أنفاسها داخل صدرها...شعرت أنها لو أطلقت نفسِها سينفجر قلبها من الفرحة. لم تتنفس...لم تطرف عينها...لم تحرك ساكناً...شعرت بركبتها تضعف...خفق قلبها بشدة....كان الهواء مفعم بالجنون...كل شئ حولها بدا متألق ولامع ومبتهج...حتى أطراف رموشها بدت سعيدة ومضيئة.
-      "أقبل!" قالت بعد استطاعت التنفس مرة أخرى.
-----------------
أستيقظت اليوم التالى على صوت طيب يناديها.
-      "يا صغيرتى!" قال الصوت الطيب.
-   "..." فتحت مرام عينها...حدقت بعين من يناديها...لحظات قليلة حتى أيقنت اين هى...انا فى المستشفى!...أيقنت انها على سرير ومصابة بشدة على أثر حادث وأرادتها محطمة ...وصأحبة الصوت الطيب هى ممرضة بالمستشفى!
-      "ياللا خدى دى!" أعطتها الممرضة قرص دواء.
-      "ايه ده؟"
-      "مسكن للألام"
-      "أنا حصلى ايه بالظبط؟"
-      "الدكتور هايجى فى خلال ساعة وهايتكلم معاكى زى ما أنت عايزة"
بعد حوالى ساعة ونصف سمعت مرام باب حجرتها يفتح...كان الدكتور. بعد فحص اللوحة المعلقة على سريرها تكلم معها قليلاً.
-      "من فضلك يا دكتور أنا عندى ايه وحصلى ايه؟ أشعر بجسمى مخدر جداً...حاسة أن معنديش طاقة خالص. حصلى ايه فى الحادثة؟"
-      "رقبتك أتكسرت!" قال الدكتور فى صوت جاف خشن قاس.
-      "وده معناه ايه؟" شعرت مرام بحلقها يجف ويخفق.
-   "أحتمال كبير أنك تصبحى قعيدة" لم يتغير أسلوب كلامه ولم يحاول أن يخفف من صعوبة الحقيقة التى يقذفها بها...لم يحاول ان يضع اى أمل فى صوته. تكلم كأنها كسرت أصبع.
-   "نعم؟! يعنى ايه؟ مش هامشى تانى؟ مش هاتحرك تانى؟!" وبلا شعور حاولت تحريك رقبتها ولكن ألم فظيع أنطلق من رقبتها الى أسفل كانه من فوقة مسدس.
-      "أستريحى! كله هايكون تمام!"
-      "تقصد ايه انى أصبح قعيدة؟!" بدأت مرام تفقد سيطرتها على عقلها وعلى اعصابها وعلى منطقها.
-   "انا مقلتش تصبحى قعيدة...انا قلت أحتمال. احنا لسة مانعرفش بس لازم تكونى مستعدة للأسوأ. احنا منقدرش نجرى اى فحوصات أكتر دلوقتى لان اى حركة خطا ورقبتك مكسورة ممكن يؤدى الى شلل"
-      "يعنى ايه؟!"
-      "يعنى هاتفضلى معانا هنا شوية"
-      "وايه سبب التخدير اللى انا حاسة بيه ده؟"
-   "رقبتك هى اللى عملت كده" تركها بعد ذلك مباشرة...تركها جريحة...مصدومة...خائفة...تركها مشلولة! 

to be continued... 
ريم اسامة
https://www.facebook.com/groups/329904227056535/

No comments:

Post a Comment